الخميس، 29 مارس 2012

ترنيمة الى فينوس


ترنيمة الى فينوس
   للشاعرة  إيدث  سيتويل
ترجمة د. هناء البياتي

تقول المرأة العجوز:
سيدتي!
 أركع إليك
بجانب حائط البحر الأخضر الكبير,
 ملتمسة المغفرة
خلف الوجه المشرق
 كإشراقة الوردة.
أتضرع إليك
يا وردة العالم الكبيرة,
وما وراء بذور التحجر
غرغونة من الحجر ذاته.
وأصلي أنا لبذور نار
في عروقها الألماس وزهرة الوسن
 والحجر الأخضر الكريم.
وبما إنك طاعنة في السن,
وعليك أن تكوني باردة,
ورغم أن لحرارة الجو
حركة النار,
والضوء في قلبه
غيمة الألوان
هناك ...
حيث الحرارة العظمى
في منجم جسد الأرض.
هناك ...                                  
حيث الألماس والعقيق الأحمر والألماندين.
وفي العتمة الداكنة للدم,
ما يزال ينمو قوس قزح
مع الياقوت والعقيق والوردة.
ألا تشفقين علي
أيتها المرأة العجوز
التي عليها أن تلبس
قطعة ممزقة من قذارة الزمان ثوبا لها؟
أنت يا من تهتمين الآن
بحمل تلك القطعة البائسة!
هكذا يأخذني البرد
بليالي القاسية
كبراعم الربيع وجذوره.
أنا لا أملك للأحبة إلا البرد.
فتحدثي إذا إلى تربتي!
قولي لي:
لا شئ يموت,
وان المعاناة وحدها هي التى تموت.
وقد يصبح الأحمق حكيما.
هكذا نحن نتحول.
وأنت يا من تكبرين باردة,
 وقد فضل الحبيب على قلبي
قلبا آخر يشبه كفن الطين,                     
كي لا تحرق نيراني جسده حرقا.
لقد اندثرت معابدك
التي كانت تشع بالحرارة,
وما زلت أركع تحت قدميك
التي بنتها ملايين البشر
لفترة زمنية ما.
همسات وغرائز تحت الحجر المرجاني
في أعماق البحر الواسعة.
ورغم أن حزنك ينمو في دمي
كما ينمو الكلوروفيل
عميقا في عروق الوردة,
ينكمش الآن ثوب جمالنا الدنيوي إلى تراب
 ويمر في جميع مراحل الحياة
من معادن  إلى نبات,
ومن صخرة صماء
إلى بحار ضاحكة خضراء.
وفي الوهلة الأولى للحياة
يبدأ الوعي بالمعادن,
وهو فراغ عميق في اللامرئ
وهو صندوق متين, معرف ومجزوء
ومنفصل عن غطاءه.
وإن أردت أن تعرف
تحول المعادن في غيبوبة النوم,
فقيسي الزمن الذي أنت بمنأى عنه
ولا تعي شيئا  عن القلب النابض بالحياة.

إلى النبتة التي تبحث عن حبيبها الضوء,
ولا تعرف التمييز بين الغطاء والاستشعار به,
ولا تعرف التمييز بين حرارة الشمس وبرودة الندى,
بل تعرف في النوم انتعاشة اللاحلم.
ويتنفس اللون  وهو انعكاس للضوء,
أبيض هو  شعاع الشمس وعطرها.
وعند امتزاج هذه الأشياء بأشياء الأرض,
كذلك  في الحب يبدأ الحلم بالحركة.
واللون الذي ينام في الغيمة غير الحالمة
نوما عميقا في ذلك الكفن,
حيث تتحول المعادن
إلى سائل ينمو عميقا
في ساق وأوراق الوردة المعتمة.
وهل يتحول الياقوت والألمانداين والعقيق
إلى نوم حالم؟
ربما تتحول هذه الأشياء الى وردة,
تتوغل في الأبدية,
غير مدركة لساعتها العابرة
تحت قبلة الضوء.
وقد تبحث الوردة عن قوس قزح غير مألوف,
وفي ذاكرتها قطرة ندى من جنة عدن,
حتى ينمو الياقوت وقوس قزح والوردة معا
تجمعهم  صداقة روحانية.
ولن يكون الواحد منهم أغلى من الآخر
ولا أغلى من ظلال الكنوز.
إذن   يا سيدتي!
 سنعرف أنا وأنت وحطام القلب
الذي كان سببه أسد الحب
جميع مراحل هذه التحولات,
ولم تكن هياكلنا الممسوخة المغطاة بالياقوت
أقل إشراقه بعين الشمس من الوردة والشباب.
أما نحن فليس إلا أمواج من بحر الزمان.
وإن للحماقة والحكمة عذوبة واحدة.
وفي لون الصخور البركانية الحمراء
لظهر هذا العالم
يبدو الفقير منهمكا و محترقا
 بثيابه المشرقة كإشراقة الوردة.
وهكذا تصنع هذه التحولات كل شئ
حتى اللحظات العابرة.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية